ولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بع

الأربعاء، 16 سبتمبر 2009

مناقشة هادئة للجهر بالافطار

اثارت حملات القبض على اشخاص فى محافظة اسوان بتهمة الجهر بالافطار جدلا كبيرا ، طبعا يمكن كان يتم من قبل القبض على الاشخاص الفاطرين ، الا ان هذه المرة شهدت اتساعا فى عمليات القبض حيث اشارت الانباء الى ان الشرطة فى يوم واحد قبضت على اكثر من 300 شخص فى محافظة اسوان ، وذكر لي زميل محامي الى انه شاهد بنفسه مقبوض عليهم فى محافظة الدقهلية امام مكتب النيابة للتحقيق معهم ، و يعض العرض على وكيل النائب العام تم اخلاء سبيلهم بكفالة ، وتفاعلت بعض جمعيات حقوق الانسان مع الحدث والبعض ابدى مخاوفه من تطبيق النموذج الطالباني فى مصر وفى المقابل اعتبر البعض ان القبض على المفطورين واجب الشرطة وهنا لنا ملاحظات
اولا : الاصل ان الناس تحترم مشاعر بعضها البعض هذا اصل من اصول المجتمع المتحضر، وكان من شيمة اهل مصر مسلمين واقباط احترام متبادل للقيم والاخلاق والمشاعر الدينية ، فعلى سبيل المثال كان الاقباط فى هذا الشهر والذين يشتركون فى العمل مع اقرانهم من المسلمين لا يأكلون ولا يشربون امام اخوانهم احتراما لهم ولمشاعرهم الدينية لم يكن هناك قانون يحكم هذه التصرفات وانما ما نطلق عليه فى القانون قواعد المجاملات وهى قواعد تنبع من المجتمع لكن لا يترتب عليها اي التزامات قانونية وانما التزامات اخلاقية وبالتالي فعدم الجهر بالافطار هي من قواعد المجاملات الاخلاقية
ثانيا : البعض اشار الى وجود نص قانوني يجرم الجهر بالافطار وهو بالطبع ليس من نصوص قانون العقوبات العام وفى الحقيقة شخصيا بحثت عن هذا النص فلم اجده والتحقيق الذى اجرته جريدة الشروق مع عدد من القانونين اختلفوا فاحد المحامين قال انه من القوانين الجنائية الخاصة وقد رجعت لموسوعة المستشار مصطفى هرجه عن القوانين العقابية الخاصة ولم اجده ، بينما اشار اخر الى انه قرار لوزير الداخلية رغم ان وزير الداخلية ليس له ان يصدر قرارات تنشا جرائم وتحدد عقوبات فهذا غير دستوري ، المهم السؤال هل يمكن ان يصدر قانون يجرم الجهر بالافطار فى الحقيقة وكما يعلم اهل القانون اهم شرط فى القاعدة القانونية انها عامة مجردة وبالتالي فصدور مثل هذا القانون معناه انه يخالف هذا الشرط حيث انه يطبق على المسلمين ولن يطبق على المسيحين وهذا فى الحقيقة اذا تم سوف يكون سببا فى شرخ كبير فى دولة سيادة القانون ومبدأ المواطنة الذى تضمنه التعديل الدستوري الاخير
ثالثا : ان تطبيق مثل هذا القانون سوف يشكل انتهاكا واسعا للحرية والامان الشخصي للافراد لا سيما وان هناك رخص للافطار شرعا فى الاسلام معروفة طبعا للمرضى والمسافرين فاذا عرفنا ان الامراض المزمنة التي قد تمنع اشخاصا من الصوم او السفر الذى يرخص للافطار وهو وفقا لرأى بعض الفقهاء ومنهم فضيلة مفتي الجمهورية من يسافر لاكثر من مسافة 80 كيلوا متر فمعنى ذلك اننا نرخص لافراد الشرطة للقبض واستيقاف هؤلاء الافراد الى ان يثبتوا امام النيابة ان لديهم رخصة شرعية للافطار .
اخيرا قد اننا بالطبع لا نشجع على الجهر بالافطار ولكن نريد ان نؤكد على حقيقة ان منع الجهر بالافطار هي من قواعد المجاملات التي لا يترتب على مخالفتها اي اثر قانوني وليست من بين الجرائم وانما هي ترتب التزاما اخلاقيا فعلى سبيل المثال اعتاد المصريون انه من عنده مناسبة سعيدة كالزواج او الخطوبة لاحد الابناء او البنات فانه يؤجل عمل الحفلة اذا اصيب جاره بمصاب بوفاة احد افراد العائلة فهذه قواعد مجاملات لم ينص عليها القانون ولا يترتب على مخالفتها اي عقاب كذلك الجهر بالافطار هى مخالفة لقواعد مجاملات لا يجوز ان تتحول الى جريمة معاقب عليها

هناك تعليقان (2):

  1. كم أنا سعيد بقراءة هذا التحليل العادل لأول قضية لك على المدونة

    يمكن دى لم تكن وجهة نظرى قبل قراءة كلماتك

    ولكن يبدو أنها حازت بدرجة عاليه من الاقناع جعلتنى اغير وجهة نظرى التى اكتشفت خطأها لكى أوافقك وجهة نظرك

    ويمكن السبب التالت ضرب القضية كلها فى مقتل

    وارى كما قلت ان منع الجهر هو من باب المجاملات وليست من الجرائم

    د/رامى سعده

    ردحذف
  2. الماده 184 من الدستور :
    "الشرطة هيئة مدنية نظامية،رئيسها الأعلى رئيس الجمهورية،وتؤدى الشرطة واجبها فى خدمة الشعب وتكفل للمواطنين الطمأنينة والأمن،وتسهر على حفظ النظام والأمن العام والأداب وتتولى تنفيذ ما تفرضه عليها القوانين واللوائح من واجبات،وذلك كله على الوجه المبين بالقانون"
    وفى الحقيقه نقطه الاداب العامه وضعت فى القانون بلا تفسير منطقي ثابت .. فمثلا اذا نزل احد الشباب فى احد الترع على اطراف احدى المدن المصريه مرتديا شورتا قصيرا يقبض عليه .. وفى نفس الوقت تجلس الفتيات الروسيات على شواطئنا بالغردقه فى حالة عرى علوي وبالطبع لا يستطيع احد ان يفتح فمه ..
    يأتي الاوروبي مع صديقته ويستاجرون غرفه فى افخم الفنادق ويجلسا معا فيها بدون زواج ودون حتى السؤال عن نوع العلاقه .. وفى نفس الوقت لا تقوم الفنادق بتأجير الغرف لغير المتزوجين من المصريين لان ذلك مخالف للآداب العامه .. فى نفس اليوم الذي قرأت فيه هذا الخبر كنت اجلس على احد المقاهي فى الاسكندريه فى رمضان صباحاً والكل يتناول مشروبه الصباحي بمنتهى البساطه وبدون اي استهجان للوضع من احد .. واسوان حسب حد علمي هي مدينه سياحيه .. ويتوافد اليها الزوار من جميع انحاء العالم وبالطبع لا يلتزمون بما يسمى بالامساك عن الطعام احتراما لمشاعر الصائمين .. او تلك الخرافات التى تطبق على المصريين فقط .. ولكن العيب فينا نحن .. نحن من سمحنا لهذا النظام بالتجاوز على حقوقنا وسمحنا للاسلاميين بالتدخل فى قوانينا وسلب حرياتنا باسم الاديان والتقاليد .. ارجع لنقطه اسوان .. لم ارى او اسمع عن اي قضايا تم رفعها تجاه هؤلاء المواطنين .. لدرجه اني بدأت اشك فى مصداقية هذا الفعل .. فبغض النظر عن وجود عذر شرعي للافطار ام لا .. لكل انسان الحق فى ان يفطر او ان يصوم ان يصلى او ان يكون لادينيا .. لا يحق للدوله التعدي على حق الاعتقاد تحت اي اسم او ادعاء .. لان هذا يعتبر تطرف وتعسف فى استخدام السلطه .. واخشى ان يقابله تعسف شعبي عنيف او مسلح كما حدث في محافظات اخرى فى احداث تجاوزات للشرطه مماثله ..

    ردحذف